عبد الغني النابلسي دراسة في حياته وأعماله وأحواله من خلال كتاب "الورد الأنسي والوارد القدسي في ترجمة العارف بالله عبد الغني النابلسي" تأليف محمد كمال الدين الغزي العامري المتوفى سنة 1214هـ ـــ محمد مطيع الحافظ
عمرت صالحية دمشق على العلم والصلاح، وقامت فيها المدارس المتخصصة، ونشأ فيها كبار العلماء، وفي سفح قاسيون وبالقرب من المدرسة العمرية ومن مرقد الشيخ محيي الدين بن عربي عاش العارف عبد الغني النابلسي فترة طويلة من حياته، ويعود نسبه إلى أولئك الأجداد الكبار آل بني قدامة المقدسيين مؤسسي صالحية دمشق، الذين تركوا أثراً علمياً واجتماعياً بليغاً في دمشق وما حولها.
والنابلسي علم من أعلام الأمة، كان له تأثيره الكبير في عصره وفي العصور التالية له. كانت له مدرسته في علوم شتى، فهو العالم الموسوعي المتعدد الجوانب، الغزير المواهب، إذ لم يكن صوفياً من الطراز الأول فحسب، ولكنه كان بالإضافة إلى ذلك فقيهاً ومؤرخاً وأديباً وشاعراً، فهو الفقيه الحنفي المعتمد صاحب الآراء والاجتهادات الفقهية في المذهب، كما أنه الصوفي المجدد في مذهب الشيخ محيي الدين بن عربي والمفسر لأقواله وأحواله. وهو الشاعر الكبير والأديب المشهور، صاحب الدواوين الشعرية المشهورة، وأشعاره قد تناقلها الناس جيلاً بعد جيل وأنشدها الصوفية في حلقاتهم ومجالسهم، وهو المؤرخ الذي أرخ لعصره وللصوفية من خلال رحلاته ومشاهداته ولقاءاته العلمية. فهو بذلك جمع المعارف من كل أطرافها وأوتي مقدرة عجيبة في التأليف من حيث نوعيتها وكثرتها. وبذلك اعتبر الرجل الأوّل في عصره وما زال تأثيره مستمراً حتى عصرنا الحاضر. لذا فقد قامت دراسات ومقالات تناولت حياته العلمية والشخصية قديماً وحديثاً، في كتب أفردت ترجمته أو في كتب التراجم العامة(1). ويعتبر كتاب الورد الأنسي والوارد القدسي) أفضل وأشمل دراسة عن النابلسي حيث جمعت وأحاطت بجميع عناصر الترجمة إذ توافرت للمؤلف المصادر الأساسية واعتمد على اللقاءات مع تلاميذ النابلسي وقرابته.
ونظراً لأهمية الكتاب قمت بدراسة موجزة له وقدمت لذلك بمقدمة تشتمل على وصف للكتاب ومؤلفه، وعمدت إلى إيراد النصوص كما وردت عند المؤلف ووضعتها بين حاصرتين؛ بحيث تتكون بذلك ترجمة جامعة للنابلسي.
وصف المخطوط:
كتاب "الورد الأنسي والوارد القدسي" من نوادر المخطوطات التي تضمها مكتبة آل النابلسي في صالحية دمشق، ويحتفظ الأستاذ محمد رياض المالح بنسخة مصوّرة عنه وهي نسخة موثقة وعليها مقابلة على نسخة المؤلف ثلاث مرات مع التصحيح كما ذكر على وجه غلاف الكتاب، ثم إن عليها تملكاً لأمين فتوى دمشق عبد المحسن المرادي ومطالعة لمحمد سعيد بن محمد عطا الله الأيوبي، أما ناسخها فغير معروف. خطها نسخي معتاد، وبعض الكلمات كتبت بالحمرة، مقياسها 31× 24 سم وعدد أوراقها 267 ورقة، وقد وجد بياض في بعض الأسطر في جزء من صفحاتها، نبه الناسخ على ذلك بقوله: (مهما وجد بياض في هذه النسخة فهو من أصله) وهذا من عادة المؤلف في أكثر مؤلفاته إذ إنه يترك هذا البياض ليضيف ما يستدركه في المستقبل متى وجد إلى ذلك سبيلاً.
مصادر المؤلف:
تعتبر صلة القربى العامل الأساسي في تأليف الكتاب، فالنابلسي جد المؤلف لأمه، إذ أن محمد شمس الدين الغزي – (جد كمال الدين الغزي المؤلف) – صهر العارف النابلسي وختنه وتلميذه، فقرابته بالنابلسي وقرب العهد بالمؤلف به جعلاه يلتقي بالكثير ممن كانت له صلة وثيقة بالنابلسي سواء كانوا من تلاميذه أو من قرابته. كل ذلك صيَّر كتاب "المورد الأنسي والوارد القدسي" المصدر الأول والأساسي في ترجمة النابلسي أما مصادره المكتوبة فقد ذكرها في مقدمته منها:
1-ثبَت جده المسمى (المسمى لطائف المنَّة في فوائد خدمة السنة)(2).
2-ثبَت العلامة أبي الفداء إسماعيل العجلوني.
3-رحلة عبد الرحمن الخياري (تحفة الأدباء وسلوة الغرباء).
4-ثبت الشهاب أحمد بن علي المنيني.
5-نفحة الريحانة لمحمد أمين المحبي.
6-سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر للعلامة المفتي محمد خليل المرادي.
كما أنه أشار إلى مؤلفات أفرد فيها مؤلفوها ترجمة النابلسي منها:
1-المشرب الهني القدسي في كرامات الشيخ عبد الغني النابلسي، تأليف: حسين بن طعمة البيتماني(3).
2-العقد السني في مزايا الشيخ عبد الغني النابلسي.
وهناك رسالة لم يطلع عليها الغزي وهي:
-الفتح الطري الجني في بعض مآثر شيخنا الشيخ عبد الغني النابلسي، تأليف: مصطفى بن كمال الدين البكري(4).
مؤلف الكتاب:
هو أبو الفضل كمال الدين محمد بن محمد شريف بن شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الغزي العامري.
ولد بدمشق في السابع من جمادى الآخرة سنة 1173هـ، ونشأ بها في رعاية والده، وقرأ القرآن على الشيخ (محمد الحجاوي وأخذ عن كثيرين من علماء عصره منهم: الشيخ محمد سعيد السويدي والشيخ هبة الله التاجي، والشيخ علي الداغستاني والشيخ محمد الكزبري.
تولى إفتاء الشافعية بدمشق سنة 1203هـ بعد وفاة والده. وتوفي بدمشق في صفر سنة 1214هـ ودفن بتربة الدحداح(5).
مؤلفاته كثيرة أهمها:
-التذكرة الكمالية المسمَّاة بـ (الدر المكنون والجمان المصون من فرائد العلوم وفوائد الفنون) وتشتمل على فوائد تاريخية وأدبية ومطارحات شعرية وغيرها. والكتاب في عشرين جزءاً أكثرها تحتفظ به المكتبة الظاهرية.
-النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل. طبع بدمشق سنة 1982م بتحقيق محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة.
-الورد الأنسي والوارد القدسي في ترجمة العارف بالله عبد الغني النابلسي. منه نسخة محفوظة في مكتبة النابلسي، ونسخة في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 752 ونسخة في دار الكتب المصرية رقم 7161 ونسخة ثانية برقم 8072 (6).
أبواب الكتاب:
رتب المؤلف كتابه في مقدمة وثلاثة عشر باباً وخاتمة، وبعرض وتلخيص أهم ما ورد فيه نستطيع تقديم صورة صادقة وواضحة لحياة النابلسي، مع فوائد تاريخية ضمها الكتاب تتصل بعصر النابلسي ومعاصريه.
المقدمة: في ذكر الصالحين ونقل آثار الأولياء الكاملين (الورقة 5-12):
نقل المؤلف ما اتصف به الصالحون في حياتهم الخاصّة والعامة وما أوتوا من فضائل ومزايا تحلوا بها جعلهم من أولياء الله.
الباب الأول: في ذكر نسبه الشريف وتراجم أسلافه ونسبه العمري:
أشار المؤلف إلى الكيفية التي تم فيها تغيير لقب المترجم من المقدسي إلى النابلسي ثم ترجم لأجداده فقال:
"الباب الأول في نسبه العريق الطاهر المتصل بالعلماء الأكابر من أوله إلى الآخر.. وكيف انتسب الشيخ إلى نابلس مع أن طائفته كلهم من بيت المقدس فنقول معتمدين على ما هو من خطه الشريف الصحيح فهو:
الشيخ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عماد الدين بن إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن، بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن علي بن جماعة بن حازم بن صخر بن عبد الله الكناني الحموي الأصل المقدسي الشهير بالنابلسي".
"ويتصل نسبه بالخليفة عمر بن الخطّاب وذلك لأن النابلسي ينتسب للإمام موفق الدين أخي الشيخ أبي عمر بن قدامة المقدسي، والموفق المذكور متصل الانتساب بالإمام عمر رضي الله عنه".
أما شهرته بالنابلسي فقد أشار المؤلف إلى أن "برهان الدين إبراهيم (جد النابلسي الرابع) استوطن نابلس مدة بعد أن خرج من بيت المقدس، ثم رحل منها إلى دمشق، واستوطنها وبقيت ذريته بها واشتهروا ببني النابلسي".
الباب الثاني: في ولادته وما يتعلق بها ومبدأ حاله وأمره (33-45ق):
"ولد الأستاذ (النابلسي) يوم الأحد رابع ذي الحجة سنة خمسين وألف كما ذكره الأستاذ في رسالته المسمّاة (الحوض المورود في زيارة الشيخ يوسف والشيخ محمود)(7). وكان موافقاً لسابع يوم في آذار، والقمر في برج الثور بمنزلة الثريا – وكان والده مسافراً إلى الديار الرومية (التركية) وقد اشتهر والده بالعلم والفضل والشهرة وله مؤلفات كثيرة (
وكان موضع ولادته في دار أمه.. الكائنة في باطن دمشق بمحلة سوق القطن في زقاق المصبغة الكيوانية".
"أما والدته فهي التقية الصالحة زينب بنت الشيخ محمد بن الشيخ برهان الدين إبراهيم بن أحمد بن يحيى الدويكي الدمشقي، ووالدها كان ذا علم وافر وتجارة. سافر إلى الهند، وكانت وفاته فيها. وكانت والدته من أهل الدين والصلاح والتقوى، وكان لها حنو كثير، وإلى هذا يشير (النابلسي) بقوله:
وإن لي أماً فكن عونها تحنو عليَّ حيث ما لي أب
توفيت في شوال سنة 1104هـ ودفنت بالقرب من قبر معاوية بن أبي سفيان وقبر الشيخ نصر المقدسي في مقبرة الباب الصغير بدمشق".
نشأ النابلسي في بيت علم وفضل، اشتهرت أسرته بصلتها القوية بالعلم والزهد والتصوف، فلا عجب أن ينشأ النابلسي نشأة علمية فيبدأ في سنة مبكرة بنظم الشعر والتأليف. يقول الغزي:
"وقد بدأ نظم الشعر ولما يتجاوز من العمر اثنتي عشرة سنة، إذ رثى والده الذي توفي سنة 1062هـ، ونظم (البديعية) وعمره خمس وعشرون سنة، ثم شرحها في ثلاثة أسابيع، وكان قد ابتدأ التصنيف وإلقاء الدروس حين بلوغه العشرين سنة، فشرع في إلقاء الدروس بالجامع الأموي، وكان مكان تدريسه في الجهة القبلية تجاه سيدنا يحيى الحصور، فاقرأ بكرة النهار في عدة علوم، وبعد العصر في كتاب (الجامع الصغير)، ثم (الأربعين النووية)، ثم (الأذكار النووية)، وكان يقرئ مع ذلك في الجامع الأمويّ كتب الشيخ الأكبر (كالفصوص) و(مواقع النجوم) وغيرها، واستمر على هذه الحالة إلى سنة تسعين وألف "وفي سنة إحدى وتسعين وألف" دخل الخلوة ولزم العزلة وكان تجاوز الأربعين وبقي في الخلوة والرياضة سبع سنوات؛ وكان موضع خلوته في داره التي بسوق العنبرانية المواجهة للباب القبلي من جامع بني أمية؛ في القصر المطل على السوق المذكور.. وكان غالب أمره في الخلوة تلاوة كتاب الله تعالى والتأمل في أسراره ومعانيه، والغوص على ما اندرج من الحكم فيه، وجمع ذلك في مؤلفه المشهور الذي سمَاه (بواطن القرآن ومواطن الفرقان) نظماً على قافية التاء؛ وصل فيه إلى سورة براءة بما يزيد على خمسة آلاف بيت.
ولما خرج من الخلوة اشتهر أمره، وأقبل على التأليف.
الباب الثالث: في شمائله وأطواره وأحواله وزهده ومكارم أخلاقه وصفاته (45-56ق).
"ولما خرج (النابلسي) من الخلوة أخذ في السياحات فرحل إلى زيارة أرض البقاع العزيزة وجبل لبنان؛ وجمع في ذلك رحلة سمَّاها (حلة الذهب الإبريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز)(9) وذلك في سنة إحدى ومائة وألف.
ثم ارتحل إلى زيارة بيت المقدس وبلدة سيدنا إبراهيم الخليل. وجمع في ذلك رحلة سمًَّاها: (الحلة السندسية في الرحلة القدسية) (10).
ثم في غرفة سنة خمس ومائة وألف ارتحل الرحلة الكبرى وهي التي جمع فيها؛ وصنف في ذلك كتاباً حافلاً سمَّاه (الحقيقة والمجاز في رحلة بلاد الشام ومصر والحجاز). وهي الرحلة التي وقع له فيها أحوال ووقائع؛ فقد خرج من دمشق وكان بصحبته من تلاميذه وأخصائه سبعة، ولم يكن معهم شيء من المال، ولا مما يحتاج إليه المسافر سوى إبريق القهوة والخيل، ثم طافوا جميع القطر الشامي لأجل زيارات الأنبياء والأولياء، ولم يزل ينتقل بهم حتى وصل إلى العريش المصري؛ ثم إلى القاهرة، وأنزله الأستاذ زين العابدين البكري الصديقي في داره، بعد أن خرج جملة من أعيان مصر للقائه، ثم سار من هناك قاصداً المدينة المنورة على طريق الحاج المصري.
توليه فتوى الحنفية:
"وفي سنة ثلاث عشرة ومائة وألف ولي إفتاء السادة الحنفية بدمشق (11) فكتب إليه مهنئاً ومؤرخاً تلميذه مصطفى الصمادي قصيدة أولها:
سعدت دمشق لها الفخار على السوى ولزمرة العلماء حق هناء
إلى قوله:
مفتي دمشق القطب أرخت المنى هو في الحقيقة حقه الإفتاء
تدريسه في المدرسة السليمية:
"وفي سنة خمس عشرة ومائة وألف ولي تدريس السليمية في صالحية دمشق، وابتدأ فيها غرة ذي القعدة من أول (تفسير البيضاوي) وشرع في كتابة الشرح عليه المسمى بـ(الشرح الحاوي على تفسير البيضاوي على وجه البسط والإيضاح) وانتهى في الكتابة عليه في سورة البقرة في ثلاث مجلدات".
مسكنه ومنزله:
مسكنه ومنزله:
"كان الأستاذ في أول أمره يسكن داخل دمشق بدار بني النابلسي المشهورة بهم؛ الكائنة بسوق العنبرانيين قبلي الجامع الأموي الشريف؛ ثم لما صدرت الفتنة بدمشق بين جند القول وطائفة الأشراف، وبغى جند القول على الأشراف؛ حتى ذبحوا منهم رجلاً تجاه دار الأستاذ؛ وحصل للأستاذ بسبب ذلك انزعاج عظيم خرج بعياله، وبنى داراً من دك التراب بسفح قاسيون عند تربة المولهين ومزار الشيخ يوسف القميني، وسكن هناك مدة تباعداً عن الناس، ثم في أوائل سنة تسع عشرة ومائة وألف أحكره الشيخ أسعد أفندي البكري الصديقي قطعة من بستانه المسمى بالعجمية شرقي المدرسة العمرية إلى جهة القبلة تحت نهر يزيد فابتناها الأستاذ داراً وسكنها ودفن بها آخراً".
قصر النابلسي:
"وكان للأستاذ قصر جميعه من الخشب؛ يشتمل على شبابيك وكتبية، وتحته إيوان مرتفع على الأرض، وله عزابات من الحديد تشده، ركب بعضه على بعض، فيفك وينقل من مكان إلى مكان من البساتين وغيرها، وقد كان اصطناعه للأستاذ في سنة تسع وثلاثين ومائة وألف، وقد جعل له الأستاذ تاريخاً من نظمه الشريف:
قد قيل لي إن القصور جميعها
مبنية بحجارة تستثقل
أيكون قصر في البيوت وتارة
تلقاه يحوي ذاك روض مبقل؟
والكل من خشب يشد حديده
أجزاءه فهو المخف المثقل
فأجبت لا عجب وفي التاريخ ها
قصر يفك كما يشاء وينقل
واتخذ لذلك القصر بعض المحبين للأستاذ بغالاً عشرة؛ تحمله إذا أراد السير إلى مكان من منتزهات دمشق وغيرها".
الباب الرابع: في ذكر مشايخه في أنواع العلوم وأصناف الفنون (56-67ق):
1-والده الشيخ إسماعيل بن عبد الغني: قرأ عليه مقدمات الفنون، وحضر دروسه في التفسير في المدرسة السليمية، وشرحه على (الدرر) في جامع بني أمية، وأجازه توفي والده وللأستاذ من العمر 11 سنة و11 شهراً و21 يوماً.
2-نجم الدين محمد بن محمد الغزي العامري: قرأ عليه مصطلح الحديث (كشرح النخبة) و(شرح ألفية العراقي). وأجازه إجازة خاصة وعامة.
3-محمد بن كمال الدين الشهير بابن حمزة نقيب الأشراف: قرأ عليه جملة من الفنون.
4-علي الشبراملسي الشافعي القاهري: أجازه إجازة حافلة.
5-عبد الباقي الحنبلي البعلي الأثري: قرأ عليه مصطلح الحديث (كشرح النخبة) و(شرح الألفية للقاضي ولمصنفها). وأجازه إجازة خاصة وعامة.
6-عبد القادر بن مصطفى الصفوري: قرأ عليه عدة فنون. وأجازه.
7-محمد بن تاج الدين المحاسني: أخذ عنه التفسير والنحو.
8-أحمد بن محمد القلعي: قرأ عليه الفقه وأصوله. ولازمه ملازمة تامة.
9-كمال الدين محمد بن يحيى الدمشقي الشافعي الشهير بالفرضي: قرأ عليه العربية والحساب والفرائض.
10-محمد بن يحيى (نجم الدين) وهو أخو الذي قبله: قرأ عليه مبادئ العلوم.
11-إبراهيم بن منصور الفتّال.
12-محمد بن أحمد الأسطواني.
13-محمود الكردي نزيل دمشق، قرأ عليه النحو والمعاني والبيان والصرف والمنطق.
14-محمد محمد العيثاوي.
15-محمد بن بركات الكوافي.
16-ملا حسين بن إسكندر الرومي الحنفي نزيل دمشق.
17-إبراهيم بن سليمان الجينيني.
18-أحمد بن محمد سويدان الحنفي.
الباب الخامس: في ذكر مشايخه في الطريقة النقشبندية والقادرية، ومن صحبهم من الأولياء والعارفين فيهما:
"تلقى الأستاذ الطريقة النقشبندية من طريقين: طريق الظاهر وطريق الباطن".
طريق الباطن:
"يقول الأستاذ النابلسي في إجازته لتلميذه الدكدكجي.
أما اتصال مدد طريق السادة النقشبندية والعهد الوثيق برضاع لبان هذه الحقيقة الإلهية فهو من طريقين: من طريق الباطن ومن طريق الظاهر؛ فأما طريق الباطن وهو طريق الروحانية فقد اتصل عهدنا ومبايعتنا واقتداؤنا في واقعة رأيناها ومطارحة روحانية وجدناها من روحانية الإمام الجليل والشيخ الكامل صاحب التكميل الخوجة علاء الدين عطّار قدس الله روحه ونور ضريحه".
طريق الظاهر:
"تلقاها الأستاذ عن أبي سعيد البلخي البخاري؛ فقد قدم دمشق سنة 1087هـ وأخذ عنه (النابلسي) وألبسه الخرقة وهي قلنسوة بيضاء، واختار الأستاذ وطلبه للمبايعة على الطريق النقشبندي، وبايعه بجامع بني أمية عند رأس نبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام وأعطاه العكاز، وأعطاه رسالة متعلقة بالطريق وأمره أن يشرحها فشرحها الأستاذ شرحاً نفيساً سمّاه (مفتاح المعية في شرح الطريقة النقشبندية) وكان ذلك بإذن من النبي صلى الله عليه وسلم.
الطريقة القادرية:
أخذها الأستاذ عن الشيخ عبد الرزاق بن شرف الدين الكيلاني: يقول النابلسي في الرحلة الكبرى:
"اجتمعنا به رحمه الله تعالى.. في سنة خمس وسبعين وألف في حماة في ذهابنا إلى الروم في ذلك العام، وحصل لنا من معاهدته الشريفة كمال النفع التام.. وقد أتى بعد ذلك بسنين إلى بلادنا دمشق الشام قاصداً الحج إلى بيت الله الحرام فاجتمعنا به أيضاً وحصل لنا به كمال المؤانسة".
الباب السادس: في تراجم تلاميذه والآخذين عنه وأحوالهم معه، مع ذكر شيء من مدائحهم فيه، وذكر بعض كرامات وفوائد علمية وقعت لهم معه (72-161ق).
"لا يمكن حصر تلامذة الأستاذ بوجه.. وهو قد ارتحل من دمشق؛ وساح ودخل البلاد وخالط العباد".
ثم أورد المؤلف تلاميذه، وذكر أن أشهرهم كان الأديب المؤرخ الشيخ محمد بن إبراهيم الدكدكجي المتوفى سنة 1131هـ وقال: "بكى عليه الأستاذ ولم يعهد أنه بكى على ميت قبله".
الباب السابع: في تأليف النابغة وتحريراته الجامعة (161-168ق):
"بلغت مؤلفاته زهاء ثلاثمائة مؤلف بل أكثر.. وهي ما بين المجلد والمجلدين والثلاثة، والكراسة والأقل والأكثر. عمَّ بها الانتفاع، ومالت لها الألباب والطباع في سائر البلاد والبقاع".
ثم أورد المؤلف الغزي أسماء 185 مؤلفاً. وذكر منها نظمه: (البديعية) لما بلغ خمساً وعشرين سنة؛ ثم شرحها في ثلاثة أسابيع. وقد قرظ شرح البديعية الشيخ محمد بن كمال الدين الشهير بابن حمزة وقرظها أيضاً الشيخ شهاب الدين بن عبد الرحمن العمادي الحنفي".
أما عن انتشار مؤلفاته فيقول الغزي:
"انتشرت مؤلفاته في المشارق والمغارب فلا تجد أحداً إلا لها طالب وفيها راغب؛ حتى إنك إذا طلبتها لا تجدها إلا استنساخاً مع أنها دائماً تكتب وتنقل.
الباب الثامن: في نبذة من المكاتبات والمدائح الواردة له (168-187ق):
أورد الغزيّ كثيراً من الرسائل والقصائد التي مُدح بها النابلسي، وهي قصائد ورسائل تمثل العصر، يطول البحث بإيراد نماذج منها.
الباب التاسع: في المنامات التي رئيت له أو رآها لنفسه (188-220ق):
"وقد جمع رضي الله عنه رسالة سماها (النوافج الفائحة بروائح الرؤيا الصالحة)" وقد نقل الغزي هذه الرسالة إلى كتابه، ثم ذكر ما رآه منقولاً في بعض المجاميع بخط النابلسي نفسه، وما تلقاه من أفواه معاصريه.
الباب العاشر: في كراماته والخوارق التي ظهرت على يديه (220-229ق):
"كراماته لا تنحصر عدداً ولا تنقطع مدداً.. وقد نقل الجد (أي محمد شمس الدين الغزي) عن الأستاذ أنه كان لا يحب أن تظهر عليه كرامة.. ولنأخذ في الإبانة عمَّا وعدنا به حسبما تلقيناه عن عدد التواتر من العلماء الأساطين؛ وما وجدناه في بطون الدفاتر وصدور الدواوين".
الباب الحادي عشر: في كلماته الشريفة الصادرة عن الحضرات المنيفة (230-240ق):
ذكر الغزي أن "للأستاذ رسالة سمَّاها (مناجاة الحكيم ومناغاة القديم)(13) متعلقة بمناجاته لربه؛ ومناجاة ربه له، وهو كتاب عظيم ذو قدر جليل جسيم، مشتمل على ستة عشر فصلاً، نظير ما وقع لسيدي إمام العارفين السيد عبد القادر الجيلاني قدس الله سره في غوثيته المشهورة. وهذا أمر ذوقيّ يعرفه العارفون وينكره الجاهلون" ثم نقل الغزي الرسالة بتمامها.
الباب الثاني عشر: في تراجم أولاده وأحفاده وأسباطه (240-251ق)
أولاده:
1-الشيخ إسماعيل بن عبد الغني: توفي سنة 1163هـ ودفن في حجرته التي في بيت الشيخ عبد الغني بالصالحية.
2-زينب بنت عبد الغني: تزوجها أولاً الشيخ صادق الخرّاط، وولدت له ثلاث بنات ثم من بعد وفاته تزوجها الشيخ الغزي (جد كمال الدين محمد الغزي المؤلف) وولدت والد كمال الدين: (محمد شريف) الغزي. توفيت سنة 1173هـ.
3-طاهرة بنت عبد الغني: تزوجها أولاً الغزي (محمد شمس الدين) ثم لما توفيت تزوج أختها زينب سنة 1143هـ. دفنت بسفح قاسيون.
أحفاده:
1-طاهر بن إسماعيل: توفي سنة 1147هـ ودفن في حجرة والده.
2-مصطفى بن إسماعيل: من أعماله بناء الجامع لصيق قبر الأستاذ وذلك سنة 1146هـ وفي سنة 1187هـ أحدث منارة للأذان، وكان قد ساعده في بنائها كافل دمشق الوزير محمد باشا. توفي الشيخ مصطفى سنة 1191هـ ودفن قريباً من ضريح الأستاذ.
3-عبد القادر بن إسماعيل.
4-إبراهيم بن إسماعيل: توفي سنة 1222هـ.
5-عبد الغني بن إسماعيل ولد سنة 1143هـ وتوفي سنة 1212هـ.
6-حسين بن إسماعيل توفي سنة 1207هـ ودفن بمرج الدحداح.
7-درويش بن إسماعيل.
8-محمد ذيب بن إسماعيل.
أسباطه:
1-عبد الرحمن بن محمد الغزي العامري المتوفى سنة 1144هـ. ودفن بمقبرة الدحداح.
2-محمد شريف بن محمد الغزي (والد كمال الدين) توفي سنة 1203هـ ودفن بالروضة بمقبرة الدحداح جانب قبر والده.
الباب الثالث عشر: في وفاته وما يتعلق بها (251-261ق):
نقل المؤلف عن جده الشمس الغزي من كتابه لطائف المنة خبر وفاة النابلسي بقوله:
"تمرّض الأستاذ في السادس عشر من شعبان سنة ثلاث وأربعين ومائة وألف، وانتقل إلى رحمة الله تعالى عصر يوم الأحد الرابع والعشرين من الشهر المذكور، وجهز في يوم الاثنين خامس عشري الشهر، وصلينا عليه في بيته، ودفن في القبة التي أنشأها في أواخر سنة ست وعشرين ومائة وألف في الجنينة الغربية من داره، وذكر لي في ذلك الوقت أنه أعدها لدفنه واستكتمني ذلك فلم أذكره إلا يوم وفاته. وغلقت البلد يوم موته وانتشر الناس في جبل الصالحية".
قال الكمال الغزي: "وفي حال مرض الأستاذ لم يغب إدراكه، ولا تغير شيء من حواسه إلى أن خرجت روحه الشريفة؛ وكان كثيراً ما يقول في مرضه: تعالوا انظروا إلى نقش بندي ويشير إلى بدنه. واجتمعت في داره غالب الحفظة للقرآن الكريم في دمشق.. ولما وضع على المغتسل اجتمع علماء دمشق وطلبتها لغسله، ووقف الشيخ حسن البصير المنشد، وأنشد قصيدة الأستاذ المشهورة وأولها:
خلوة القبر أشرف الخلوات بلقاء الحبيب في الجلوات
وصلي عليه في إيوان القاعة مراراً عديدة.
الخاتمة:
في فضيلة الانتساب إلى الصالحين والانتماء إلى الكاملين (261-267ق):
ذكر فيها المؤلف ما ورد من آيات وأحاديث وقصص عن الصالحين في فضل اتباع الصالحين والتخلق بأخلاقهم والاقتداء بهم.
***
وبعد فهذه دراسة اعتمدت فيها على النقول عن المؤلف، وحاولت إيراد النصوص كما جاءت عن المؤلف محافظة مني على أسلوب المؤلف في عرض ترجمة النابلسي، وهي بذلك قد أضاءت جوانب كثيرة من حياة النابلسي لم يوردها كثير ممن ترجم للنابلسي، وهي ترجمة حافلة بالحوادث التاريخية والفوائد العلمية والأدبية والشعرية، أرجو أن أكون قد وفقت في حسن عرضها كما أراد المؤلف لها أن تكون، أو أقرب ما تكون لإرادته.
الهوامش:
(1)-انظر في ترجمة النابلسي المراجع التالية: سلك الدرر للمرادي 3/30-38، عجائب الآثار للجبرتي 1/154-156، تراجم بعض أعيان دمشق لابن شاشو 67-83، هدية العارفين 1/590-594، عقود الجوهر لجميل العظم 46-69، معجم المطبوعات لسركيس 1833، جامع كرامات الأولياء للنبهاني 2/85-89، الأعلام للزركلي 4/158، معجم المؤلفين لكحالة 5/272، فهرس مخطوطات المكتبة الظاهرية الفقه الحنفي لمحمد مطيع الحافظ.
(2)-كتاب لطائف المنة في فوائد خدمة السنة تأليف محمد الغزي منه نسخة في المكتبة الظاهرية (انظر المنتخب من مخطوطات المكتبة الظاهرية قسم الحديث).
(3)-ذكر الكمال الغزي عند ذكره لهذا الكتاب "أنه اتصلت به نسخة منه بخط مؤلفها، وهذه النسخة آل أمرها إلى مكتبة جامعة برنستون رقم 1808 وهي في 37 ورقة (معجم المؤرخين الدمشقيين صفحة 365).
(4)-الفتح الطري.. منه نسخة في المكتبة الظاهرية رقم 5316.
(5)-للتوسع في ترجمته انظر: فهرس الفهارس للكتاني 1/360، 2/254، روض البشر للشطي 199، منتخبات تواريخ دمشق للحصني 2/675، حلية البشر للبيطار 3/1332، معجم المؤرخين الدمشقيين للدكتور صلاح الدين المنجد 377، مختصر طبقات الحنابلة للشطي 145، النعت الأكمل لأصحاب الإمام أحمد بن حنبل لكمال الدين الغزي (المقدمة). أعلام الفكر الإسلامي في العصر الحديث لأحمد تيمور باشا 318.
(6)-انظر (المؤرخون الدمشقيون وآثارهم المخطوطة) للدكتور المنجد ص 377.
(7)-رسالة الحوض المورود.. منه نسخة يخط المؤلف في المكتبة الظاهرية برقم 4008 الورقة 46-48.
(
-في ظاهرية دمشق مؤلفات مخطوطة كثيرة. انظر فهرس مخطوطات الفقه الحنفي (1-2).
(9)-حلة الذهب الإبريز.. منه نسخة في الظاهرية رقم 7910 وثانية برقم 8366 وقد طبع الكتاب مؤخراً في بيروت (المعهد الألماني).
(10)-الحلة السندسية.. في المكتبة الظاهرية وعنوانها: الحضرة الأنسية في الرحلة القدسية رقمها 3613، ونسخة ثانية 6844.
(11)-الحقيقة والمجاز.. منه أربع نسخ في الظاهرية بالأرقام التالية: 3226، 3225، 4753، 4642.
(12)-انظر ص 220 من كتاب عرف البشام فيمن ولى فتوى الشام لسرادي تحقيق محمد مطيع الحافظ ورياض مراد.
(13)-رسالة مناجاة الحكيم ومناغاة القديم: منه نسخ أربع في المكتبة الظاهرية بالأرقام التالية 5570 الورقة 38-40، 6118 الورقة 15-21، 5129 الورقة 23-33، 9057 الورقة 97-102.
المصدر: مجلة التراث العربي-مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب-دمشق العدد العاشر - ربيع الثاني 1403 - كانون الثاني "يناير" 1983 - السنة الثالثة