منتدي ابناء حي الكنوز بالدامر
أهلاً وسهلاً وألف مرحباً بك عزيزي الزائر في منتداك تفضل بالدخول ان كنت عضواً والاعليك التسجيل لكي تملك كافة صلاحية الاعضاء وتمتلك الرخصة في اضافة مواضيع جديدة او الرد علي مواضيع وهنالك المكنون فقط للمسجلين فسارع بالانضمام الينا اذا كنت من ابناء حي الكنوز لكي تحظي بما أخفي لك ولك ان تتصفح اذا لم تكن منهم ومع امنياتنا لك بقضاء اطيب الاوقات بالمنتدي ...
الادارة...
منتدي ابناء حي الكنوز بالدامر
أهلاً وسهلاً وألف مرحباً بك عزيزي الزائر في منتداك تفضل بالدخول ان كنت عضواً والاعليك التسجيل لكي تملك كافة صلاحية الاعضاء وتمتلك الرخصة في اضافة مواضيع جديدة او الرد علي مواضيع وهنالك المكنون فقط للمسجلين فسارع بالانضمام الينا اذا كنت من ابناء حي الكنوز لكي تحظي بما أخفي لك ولك ان تتصفح اذا لم تكن منهم ومع امنياتنا لك بقضاء اطيب الاوقات بالمنتدي ...
الادارة...
منتدي ابناء حي الكنوز بالدامر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلاً وسهلاً بكم في المنبر الأول لأبناء حي الكنـــــــــــــــــــوز بالدامر علي شبكة الانترنت
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
مرحبـــــــــاً بكم في منتديـــــــــــــــــــ ت ـــــــــــــــا أبنـــ ء ـــــا حــي الكنـــــــــــــــــــــــوز بالدامر
مواضيع مماثلة

     

     الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح)....

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    أحمدمحمدأحمدعبدالرحيم
    كنازي مميز
    كنازي مميز
    أحمدمحمدأحمدعبدالرحيم


    رقم العضوية : 1
    عدد المساهمات : 150
    تاريخ التسجيل : 08/12/2009
    الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح).... E8s7dt10
    الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح).... 510

    الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح).... Empty
    مُساهمةموضوع: الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح)....   الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح).... I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 14, 2009 11:42 am

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه وسلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

    يسعدني ان اقدم :


    (سلسلة مفاهيم يجب أن تصحح)الحياة البرزخية
    للدكتور
    عمر عبدالله كامل
    دار المصطفى
    للطبع والنشر والتوزيع
    جميع الحقوق محفوظة
    الطبعة الأولى
    1426هـ 2005م
    ________________________________________
    بسم الله الرحمن الرحيم
    المقدمةالحمد لله الذي جعل محمدًا رحمة للعالمين، وأغاث برحمته عموم المخلوقين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب الكمال، خير من تضرب له أكباد المطي وتشد إليه الرحال، وعلى آله وصحبه خير صحب وآل.
    وبعد:
    فهذه سلسلة «مفاهيم يجب أن تصحح» ، والتي فاز بقدم السبق فيها المرحوم السيد الأستاذ الدكتور محمد علوي المالكي رحمه الله، وجمعنا به في جنات النعيم.
    وكم كان مصيبًا حينما نادى منذ أمد بعيد بتصحيح هذه المفاهيم، فالسكوت عن مجازفة البعض -والتي وصلت إلى حد التكفير والاتهام بالشرك بسبب المغالاة في هذه المفاهيم، وجَعْل بعضها من العقائد وهي من الفروع- أحدث كثيرا من الفتن التي نحصد اليوم نتائجها.
    والمفهوم الذي بين يدينا هو الثاني هذه المفاهيم بعد المقدمة العامة للسلسة، وهو مفهوم « الحياة البرزخية » .
    بَينت في هذه الرسالة ما يكون في الحياة البرزخية، وكيف أن الأنبياء والصالحين أحياء في قبورهم بما لا يبقي موضعا للشك، { لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } .
    واللهَ أرجو القبول والتوفيق إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
    د. عمر عبدالله كامل
    في محرم 1426هـ
    القاهرة - مصر
    ________________________________________
    معنى الحياة البرزخية
    الحياة البرزخية هي: مرحلة بين الحياة الدنيا والآخرة مختصة بالأرواح، دون الأجساد تتطلع فيها الأرواح على الحياة الدنيا وتبلغهم عنها أخبارها.
    وقد يجرون فيها تصرفات بأمر الله من عون ودعاء ونصر على حسب مكانة العبد بعد انتقاله شهيدًا أو نبيًا أو وليًا أو من الصالحين ومنها الظهور في الرؤيا والمنامات وغيرها كما أنها تشاهد ملاذ الجنة للمؤمنين أما الكافرون فيشاهدون منها عذاب النار.
    وقد ورد في الحديث:
    «… فينادي مناد من السماء أن صدق فأفرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة والبسوه من الجنة وأروه منزله من الجنة قال ويمر له في قبره ويأتيه روح الجنة وريحها قال فيفعل ذلك به ويمثل له رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك وجه الخير ويبشر بالخير قال فيقول أنا عملك الصالح قال فهو يقول رب أقم الساعة أرجع إلى أهلي ومالي ثم قرأ { يثبت الله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة } وأما الفاجر…. فينادي مناد من السماء: أن كذب فأفرشوه من النار وألبسوه من النار وأروه منزله من النار قال فيضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه قال ويأتيه ريحها وحرها قال فيفعل به ذلك ويمثل له رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد قال فيقول من أنت فوجهك الوجه يبشر بالشر فيقول: أنا عملك الخبيث، قال وهو يقول: رب لا تقم الساعة»(1).
    إن الحياة البرزخية هي: الشعور التام والإدراك الكامل والمعرفة الصادقة فإنها حياة طيبة صالحة دعاء وتسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وذكر، فإن الموت ليس بعَدم محض وإنما هو انتقال من حال إلى حال ويدل على ذلك أن الشهداء بعد موتهم وقتلهم أحياء عند ربهم يرزقون فرحين وهذه صفة الأحياء في الدنيا.

    __________
    (1) المستدرك للحاكم (1/94) ح (107). وعبدالرزاق في مصنفه (3/582 (6737).
    ________________________________________
    [ حياة الأنبياء والشهداء ]
    وثبت بنصوص السنة وإجماع الأمة حياة الأنبياء في قبورهم بأكمل وجوهها وليس هذا بمستغرب فالله قد أخبرنا عن الشهداء - وهم أقل درجة من الأنبياء- فقال: { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (1).
    فإذا كانت الحياة معناها هو بقاء الروح فلا تفنى ولا تبلى فلا مزية للشهيد يستحق أن تذكر وتشهر إذ أرواح جميع بني أدم باقية لا تفنى ولا تبلى وهو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم كما حققه الشيخ ابن القيم في كتاب الروح.
    فلابد من وجود مزية ظاهرية يزيد بها الشهداء على من سواهم وإلا كان ذكر حياتهم عبثا لا فائدة منه خصوصا وأن الله تعالى نهى أن نقول عنهم أموات فقال: { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ } (2). حينئذ نقول أنه لابد من أن تكون حياتهم أكمل من غيرهم وأشرف وهذا ما يؤيده ظاهر النصوص فأرواحهم مرزوقة ترد أنهار الجنة وتأكل ثمارها كما قال تعالى: { عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ثم إحساسهم بذلك الطعام والشراب والنعيم إحساس كامل بشعور تام وتلذذ وتمتع حقيقي كما جاء في الحديث: «فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقيلهم قالوا: يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله بنا» (قال ابن كثير رواه أحمد).
    وأرواحهم لها تصرف أكبر من غيرها وأوسع فهي تتجول وتسرح في الجنة حيث تشاء ثم تأوي إلى قناديل تحت العرش (كذا في الصحيح). وهم يسمعون الكلام ويفهمون الخطاب.
    وإذا ثبت هذا في حق الشهداء ثبت في حق الأنبياء من وجهين:
    __________
    (1) آل عمران:169.
    (2) البقرة:154.
    ________________________________________
    أولا: أن هذه رتبة شريفة أعطيت للشهيد كرامة له ولا رتبة أعلى من رتبة الأنبياء ولا شك أن حال الأنبياء أعلى وأكمل من حال جميع الشهداء فيستحيل أن يحصل كمال للشهداء ولا يحصل للأنبياء لا سيما هذا الكمال الذي يوجب زيادة القربى والزلفى والنعيم والأنس بالعلي الأعلى.
    الثاني: أن هذه الرتبة حصلت للشهداء أجرًا على جهادهم وبذلهم أنفسهم لله تعالى والنبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي سن لنا ذلك ودعانا إليه وهدانا له بإذن الله تعالى وتوفيقه وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: « من سن سنة حسنه فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة » .
    والأحاديث الصحيحة في ذلك كثيرة مشهورة فكل أجر حصل للشهيد من أتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - حصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - مثله والحياة أجر فيحصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - مثلها.
    وإذا كان هذا في الشهداء كان الأنبياء بذلك أحق وأولى.
    وذكر القرطبي أن أجساد الشهداء لا تبلي، وقد صح عن جابر أن أباه وعمرو بن الجموح رضي الله تعالى عنهم وهما ممن استشهدا بأحد ودفنا في قبر واحد فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت وكان بين ذلك وبين أحد ست وأربعون سنة، ولما أجرى معاوية العين التي استنبعها بالمدينة وذلك بعد أحد بنحو من خمسين سنة، ونقل الموتى أصابت المسحاة قدم حمزة - رضي الله عنه - فسال منه الدم ووجد عبد الله بن حرام كأنما دفن بالأمس، وروى كافة أهل المدينة أن جدار النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انهدم أيام الوليد بدت لهم قدم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وكان قد قتل شهيدا.
    وقد ذكر ابن تيمية: أنه لما حصل الهدم بدت لهم قدم بساق وركبة ففزع من ذلك عمر بن عبد العزيز فأتاه عروة، فقال: هذه ساق عمر وركبته فسري عن عمر بن عبد العزيز. (1) اهـ
    __________
    (1) اقتضاء الصراط المستقيم 365.
    ________________________________________
    وقد ألف في هذا الموضوع الإمام الحجة أبو بكر بن الحسين البيهقي رسالة خاصة جمع فيها جملة من الأحاديث التي تدل على حياة الأنبياء وبقاء أجسادهم، وكذلك ألف الحافظ جلال الدين السيوطي رسالة خاصة بذلك.
    وثبت صلاة الأنبياء في قبورهم كما في حديث مسلم والبيهقي.
    عن انس - رضي الله عنه - أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - « … قد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلي … »(1) الحديث.
    وقال أيضًا: «أتيت على موسى ليلة أسرى بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره»(2).
    وصلاة نبي الله موسى في قبره تدل على أن الأموات يعملون وإن كانوا غير مكلفين ولا ينتفعون بهذه العبادة ولكن حبًا في هذه العادة وكل منهم في العبادة التي كان أشد حبا لها ومنهم من كان يقرأ القرآن ومنهم من يصلي ومنهم من يذكر وغيره.
    [ حياة سيد الأنبياء والرسل خير من خلق الله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ]
    ورد أن صلاتنا معروضة عليه - صلى الله عليه وسلم - وأن سلامنا يبلغه فعنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: « أفضل أيامكم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا عليّ من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت- يقولون بليت- فقال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء » (3).
    وعن عمار بن ياسر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله وكل بقبري ملكا أعطاه الله أسماء الخلائق فلا يصلي عليّ أحد إلى يوم القيامة إلا بلغني باسمه واسم أبيه هذا فلان ابن فلان قد صلى عليك».
    __________
    (1) مسلم (ح172)
    (2) مسلم (ح2375)
    (3) أخرجه النسائي (ح رقم1374- ترقيم الشيخ أبو غدة) وأبو داود (ح 1047 -ترقيم محي الدين عبدالحميد (حديث صحيح)، وابن ماجة في موضعين (ح 1636) و (1085) عبدالباقي ، وكذلك الدارمي (ح1526).
    ________________________________________
    رواه البزار وأبو الشيخ وابن حبان ولفظه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تبارك وتعالى وكل ملكا أعطاه أسماء الخلائق فهو قائم على قبري إذا مت فليس أحد يصلي علىّ صلاة إلا قال: يا محمد صلى عليك فلان ابن فلان قال: فيصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا»(1).
    ومنها عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أيمن عن عبادة بن نسي عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أكثروا الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه مشهود تشهده الملائكة وإن أحدا لن يصلي عليّ إلا عرضت عليّ صلاته حتى يفرغ منها» قال: قلت: وبعد الموت؟ قال «وبعد الموت إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فنبي الله حي يرزق»(2) قلت: مثله مثل الشهادة فكما هم أحياء يرزقون فهو أكمل منهم - صلى الله عليه وسلم - وهو حي ويرزق.
    ونقل ابن القيم في كتاب الروح نقلا عن أبي عبد الله القرطبي: «صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء وأنه - صلى الله عليه وسلم - اجتمع مع الأنبياء ليلة الإسراء في بيت المقدس وفي السماء خصوصا موسى وقد أخبر: «ما من مسلم يسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام».
    إلى غير ذلك ما يحصل من جملته القطع بأن موت الأنبياء إنما هو راجع إلى أنهم غيبوا عنا بحيث لا ندركهم وإن كانوا موجودين أحياء وذلك كالحال في الملائكة فإنهم أحياء موجودون ولا نراهم»(3)أهـ.
    ورد أن أعمالنا تعرض عليه فيدعو للمحسن ويستغفر للمسيء كما في حديث عرض الأعمال.
    __________
    (1) رواه الطبراني في الكبير بنحو من الترغيب (2/500).
    (2) أخرجه ابن ماجه (ح1637) عن أبي الدرداء وله شواهد تقويه فهو حسن لغيره.
    (3) كتاب الروح ابن القيم ص43.
    ________________________________________
    أخرج البزار في مسنده عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم ووفاتي خير لكم تعرض على أعمالكم فما رأيت من خير حمدت الله عليه وما رأيت من شر استغفرت الله لكم » (1).
    واستنبط سعيد بن المسيب عرض الأعمال عليه من القرآن فروى ابن المبارك عنه أنه قال: ليس من يوم إلا ويعرض فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - عمل أمته غدوة وعشيا ولذلك يشهد عليهم قال تعالى: { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً } (2).
    [عودة إلى حياة الشهداء ومن في حكمهم من الصالحين واهتمامهم بذويهم في دار الدنيا ]
    وروى مسلم في صحيحه: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق قال: إنا سألنا عبد الله عن هذه الآية { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت ثم تأوى إلى تلك القناديل فأطلع عليهم ربهم إطلاعة فقال: هل تشتهون شيئا؟ فقالوا أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا؟ ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا: يا رب نريد أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا»(3).
    __________
    (1) حديث صحيح، صححه جمع كبير من الحفاظ، وهو في مجمع الزوائد (9/24) وقال البزار رجاله رجال الصحيح.
    (2) النساء:41).
    (3) مسلم (ح 1887).
    ________________________________________
    وروى البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: نظر إليّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال «يا جابر مالي أراك مهتما؟» قال: قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك دينا وعيالا قال: فقال «ألا أخبرك ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب وأنه كلم أباك كفاحا»(1).
    قال علي: والكفاح المواجهة «قال سلني أعطك قال: أسألك أن أرد إلى الدنيا فأقتل فيك ثانية فقال الرب عز وجل أنه قد سبق مني القول أنهم إليها لا يرجعون قال أي رب فأبلغ من ورائي فأنزل الله { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } (2) الآية..»أ.هـ كلام الحافظ ابن كثير(3).
    وفي هذه الأحاديث أنه سبحانه وتعالى أكد عليهم أن يسألوه حتى يجيبهم وأن الآية الكريمة { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا } نزلت بعد أن طلب عبد الله أبو جابر أن يبلغ الله سبحانه من في الدنيا عنهم وشهداء بئر معونة طلبوا من الله أن يبلغ قومهم عن حالهم.
    وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى عن الشهداء بأنهم أحياء عند ربهم يرزقون وأنهم يستبشرون بالذين لم يلحقونهم من خلفهم وأنهم يستبشرون بنعمة من الله وفضل وهذا يدل على تلاقيهم من ثلاثة أوجه:
    أحدها: أنهم عند ربهم يرزقون وإذا كانوا أحياء فهم يتلاقون.
    الثاني: أنهم إنما استبشروا بإخوانهم لقدومهم ولقائهم لهم.
    الثالث: أن لفظ يستبشرون يفيد في اللغة أنهم يبشر بعضهم بعضا مثل يتباشرون. وقد تواترت المرائي بذلك. فمنها:
    ما ذكره صالح بن بشير قال: رأيت عطاء السلمي في النوم بعد موته فقلت له: يرحمك الله لقد كنت طويل الحزن في الدنيا.
    فقال: أما والله لقد أعقبتني ذلك فرحا طويلا وسرورا دائمًا.
    فقلت في أي الدرجات أنت؟ .
    __________
    (1) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (3/224)
    (2) آل عمران:169)
    (3) انظر تفسير ابن كثير عند الآية 169 سورة آل عمران.
    ________________________________________
    قال: مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. أهـ(1).
    كل هذا عن دعائهم وهو مستجاب قال تعالى: { لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ } فهل يقتصر تصرف هذه الأرواح العلوية الطاهرة على الدعاء؟
    وذكر ابن أبي الدنيا في كتابه (أهوال القبور) عن تماضر بنت سهل امرأة أيوب بن عيينة قالت: رأيتُ سفيان بن عيينة في النوم، فقال: جزى الله أخي أيوب عني خيرًا، فإنه يزورني كثيرًا وقد كان عندي اليوم. فقال أيوب: نعم حضرت الجَبَّانة اليوم فذهبت إلى قبره.
    وهذه القصة تثبت كغيرها علم الأرواح بمن يزورهم يقول ابن القيم: «وصحَّ عن حماد بن سلمة، عن ثابت ، عن شهر بن حوشب، أن الصعب بن جثامة، وعوف بن مالك، كانا متآخيين، قال صعب لعوف، أي أخي، أيُّنا مات قبل صاحبه فليتراء له. قال: أو يكون ذلك؟ قال: نعم. فمات صعب فرآه عوف فيما يرى النائم كأنه قد أتاه، قال: قلت: أي أخي، قال: نعم، قلت: ما فُعَل بكم؟ قال: غُقر لنا بعد المشاق.
    قال: ورأيتُ لمعةً سوداء في عنقه، قلت: أي أخي؛ ما هذا؟ قال: عشرة دنانير استلفتُها من فلان اليهودي فهن في قَرَني فأعطوه إياها، واعلم أخي؛ أنه لم يحدثْ في أهلي حَدَثٌ بعد موتي، إلا قد لحقَ بي خبرهُ ، حتى هرّة لنا ماتت منذ أيام، واعلم أنَّ بنتي تموتُ إلى ستة أيام فاستوصوا بها معروفًا.
    __________
    (1) كتاب الروح لابن القيم ص24.
    ________________________________________
    فلما أصبحت قلت: إنَّ في هذا لمعلمًا. فأتيتُ أهله فقالوا: مرحبًا بعوف، أهكذا تصنعون بتركة إخوانكم، لم تقربْنا منذ مات صعب. قال: فاعتللتُ بما يعتلُّ به الناس، فنظرت إلى القَرَنِ فأنزلته، فانتثلت ما فيه فوجدتُ الصرّة التي فيها الدنانير، فبعثتُ بها إلى اليهودي، فقلت: هل كان لك على صعب شيء؟ قال: رحم الله صعبًا كان من خيار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي له. قلت: لتخبرني. قال: نعم، أسلفتُه عشرة دنانير، فنبذتها إليه، قال: هي والله بأعيانها، قال: قلت هذه واحدة.
    قال: فقلت: هل حَدَثَ فيكم حَدَثُ بعد موت صعب؟ قالوا: نعم، حدث فينا كذا حدث، قال: قلت: اذكروا، قالوا: نعم! هِرّة ماتت منذ أيام، فقلت: هاتان اثنتان.
    قلت: أين ابنة أخي؟ قالوا: تلعب، فأتيت بها فمسستُها فإذا هي محمومة، فقلت: استوصوا بها معروفًا، فماتت لستة أيام.
    وهذا من فقه عوف رحمه الله، وكان [ من ] الصحابة، حيث نفذ وصية الصعب بن جثامة بعد موته، وعلم صحة قوله بالقرائن التي أخبرهم بها من أن الدنانير عشرة وهي في القرن، ثم سأل اليهودي فطابق [ قوله ] لما في الرؤيا، فجزم عوف بصحة الأمر، فأعطى اليهودي الدنانير. وهذا فِقْهٌ إنما يليقُ بأفقه الناس وأعلمهم، وهم أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولعلَّ أكثرَ المتأخرين ينكر ذلك، ويقول: كيف جاز لعوف أن ينقلَ الدنانير من تركة صعب، وهي لأيتامه وورثته إلى يهودي بمنام؟! » أ.هـ من كتاب الروح.
    قلت: ويستفاد من هذا الحديث أن روح صعب بن جثامة قد أتى صاحبه في النوم وأمكنه من رؤيته بإرادته واختياره وكان عازما على ذلك قبل مفارقة الدنيا كما يستفاد أن الله سبحانه وتعالى يُعْلم بعض من في البرزخ بما يحدث لذويهم وغيرهم ممن هم موضع اهتمامهم في دار الدنيا.
    كما يستفاد إمكان تصرف الأرواح في الدنيا بعد انتقالها إلى البرزخ بإنجازها بعض الأعمال بطريق أو بآخر وكما سيأتي في قصة ثابت بن قيس.
    ________________________________________
    روى أبو نعيم في الدلائل والطبراني (مجمع 9/322 والبغوي والحاكم في المستدرك (3/325) وله شواهد عند عطاء الخراساني قصة استشهاد ثابت بن قيس في معركة اليمامة وفيه:
    «… وثبت ثابت وسالم فقاتلا فقتلا وعلى ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فانتزعها منه فرأي رجل من المسلمين ثابت بن قيس في منامه فقال: إني موصيك بوصية، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فانتزع درعي ومنزله في أقصى العسكر، وعند خبائه فرس يستن في طوله، وقد كفأ على الدرع برمة وجعل فوق البرمة رحلا، فائت خالد بن الوليد، فمره فليبعث إلى درعي فيأخذها فإذا قدم على خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقل له: أن علي من الدين كذا وكذا، ولي من الدين كذا وكذا، وفلان رقيقي عتيق… فأتى الرجل خالد بن الوليد فبعث فوجد الدرع كما ذكر ووصف فلما قدم على أبي بكر أخبره فأنفذ وصيته ولا يعلم أحد أٌنفذت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس» صحيح بمجموع طرقه وفي بعض طرق هذا الخبر أن ثابتا قال لهذا الرجل: «إياك أن تقول هذه رؤيا منام»(1).
    وهذه كرامة من الله لعبده ثابت بأن جعل روحه تتصرف بنفسها بعد موته.
    [ الحياة العامة لأهل البرزخ واهتمام بعضهم بذويهم في دار الدنيا ]
    __________
    (1) دلائل النبوة (ح519) والطبراني (مجمع 9/322) والبغوي والحاكم في المستدرك (3/325) وله شواهد عند عطاء الخراساني
    ________________________________________
    وقد ثبتت لأهل القبور الحياة ولوازمها، فالأرواح بعد مفارقة أبدانها لا تزال حية حياة لا نعلم كيفيتها لائقة بهم عالمة سامعة مبصرة متكلمة كما ورد في حديث أهل القليب لما وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي قتلى المشركين بعد دفنهم في القليب في بدر وسأله عمر - رضي الله عنه -: «يا رسول الله أتنادي قوما قد جيفوا» وذلك لمرور ثلاثة أيام بعد قتلهم- قال - صلى الله عليه وسلم -: «والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم …»(1).
    ولذا خوطبت في الزيارة كما يخاطب الأحياء فتقول: «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون»(2).
    وأيضًا في مسلم أن النبي علم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: «سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنالكم والعافية»(3).
    وهم يسمعون كلامهم ويردون سلامهم كما ورد في الحديث: قال ابن عبد البر: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «ما من مسلم يمر على قبر أخيه كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام»(4).
    وورد أن الموتى يقرأون القرآن في قبورهم فقد روى الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن صحابيا ضرب خباءه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها وأن رسول الله قال في ذلك هي المنجية»(5).
    __________
    (1) صحيح البخاري باب المغازي باب قتل أبي جهل ح (3976)، ومسلم (2875).
    (2) مسلم ح كتاب الجنائز ح (975).
    (3) مسلم ح كتاب الجنائز ح (974).
    (4) حديث ضعيف أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية (2/1523).
    (5) سنن الترمذي عن ابن عباس في ثواب القرآن في فضل سورة الملك ح (289).
    ________________________________________
    وأهل القبور بتلك الحياة يحسون بالنعيم والعذاب وبتلك الحياة يسمعون ويبصرون ويتكلمون ويتذاكرون العلم، وفي قصة الإسراء من حديث عبد الله بن مسعود قال: لما أسرى النبي - صلى الله عليه وسلم - لقى إبراهيم وموسى وعيسى صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فتذاكروا الساعة فبدأوا بإبراهيم فسألوه عنها فلم يكن عنده منها علم ثم بموسى فلم يكن عنده منها علم حتى أجمعوا الحديث إلى عيسى فقال عيسى: عهد الله إلىّ فيما دون وجبتها فذكر خروج الدجال قال: فأهبط فأقتله ويرجع الناس إلى بلادهم فتستقبلهم يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فلا يمرون بماء إلا شربوه ولا يمرون بشيء إلا أفسدوه فيجأرون إلىّ فأدعو الله فيميتهم فتجأر الأرض إلى الله من ريحهم ويجأرون إلىّ فأدعو ويرسل الله السماء بالماء فيحمل أجسامهم فيقذفها في البحر ثم ينسف الجبال …»(1) الحديث وهذا نص في تذاكر العلم(2) أ.هـ.
    وورد أنهم يتباهون بأكفانهم ويتزاورون كما رواه البيهقي ويتأذون بما يبلغهم عن أعمال الأحياء فقد روى الديلمي أن الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته ويدعون لفاعل الخير بالثبات، ولفاعل الشر بالهداية ويعلم الميت من حمله ومن غسله ومن دلاه في قبره كما في حديث أحمد قال:
    حدثنا عبد الرزاق حدثنا سفيان عمن سمع أنسًا يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرًا استبشروا وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم لا تمته حتى تهديهم كما هديتنا.
    وروى ابن المبارك في الزهد:
    __________
    (1) المستدرك للحاكم 2/416 ح (3448).
    (2) الروح لابن القيم ص23-24.
    ________________________________________
    «إذا قبضت نفس العبد تلقاه أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشر في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه فيقول بعضهم لبعض: أنظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب. فيقبلون عليه فيسألونه: ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة؟ هل تزوجت؟ فإذا سألوا عن الرجل قد مات قبله قال لهم: إنه قد هلك، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية.
    قال: فيعرض عليهم أعمالهم فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا هذه نعمتك على عبدك فأتمها، وإن رأوا سوءا قالوا: اللهم راجع بعبدك»(1).
    وقال ابن القيم: وقد جاءت سنة صريحة بتلاقي الأرواح وتعارفها: قال ابن أبي الدنيا: حدثني محمد بن عبد الله بن بزيغ، أخبرني فضيل بن سليمان النميري، حدثني يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن جده قال: لما مات بشر بن البراء بن معرور وجدت عليه أم بشر وجدا شديدا، فقالت: يا رسول الله أنه لا يزال الهالك يهلك من بني سلمة، فهل تتعارف الموتى؟ فأرسل إلى بشر بالسلام؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نعم والذي نفسي بيده يا أم بشر إنهم ليتعارفون كما تتعارف الطير في رؤوس الشجر» وكان لا يهلك من بني سلمة إلا جاءته أم بشر، فقالت: يا فلان عليك السلام، فيقول: وعليك فتقول أقرأ على بشر السلام(2). أ.هـ.
    __________
    (1) كتاب الزهد لابن المبارك ص 149.
    (2) كتاب الروح لابن القيم، ص25.
    ________________________________________
    وقال أيضًا: «فتلاقى أرواح الأحياء وقد قال تعالى: { الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضي عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون»(1) … وقد دل التقاء أرواح الأحياء والأموات أن الحي يرى الميت في منامه فيستخبره ويخبره الميت بما لا يعلم الحي فيصادف خبره كما أخبر في الماضي والمستقبل وربما أخبره بمال دفنه الميت في مكان لم يعلم به سواه وربما أخبره بدين عليه وذكر له شواهده وأدلته وأبلغ من هذا أنه يخبر بما عمله من عمل لم يطلع عليه أحد من العالمين وأبلغ من هذا أنه يخبره أنك تأتينا إلى وقت كذا وكذا فيكون كما أخبر وربما أخبره عن أمور يقطع الحي أنه لم يكن يعرفها غيره وقد ذكرنا قصة الصعب بن جثامة وقوله لعوف بن مالك ما قال له وذكرنا قصة ثابت بن قيس بن شمساس وأخباره لمن رآه بدرعه وما عليه من الدين وقصة صدقة بن سليمان الجعفري وإخباره ابنه له بما عمل من بعده وقصة شبيب بن شيبة وقول أمه له بعد الموت: جزاك الله خيرا حيث لقنها لا إله إلا الله وقصة الفضل بن الموفق مع ابنه وإخباره إياه بعلمه بزيارته.
    وقال سعيد بن المسيب: التقي عبد الله بن سلام وسلمان الفارسي فقال أحدهما للأخر: إن مت قبلي فالقني فأخبرني ما لقيت من ربك وإن أنا مت قبلك لقيتك فأخبرتك فقال الآخر وهل تلتقي الأموات والأحياء؟ قال نعم أرواحهم في الجنة تذهب حيث تشاء(2). أ.هـ.
    وذكر ابن كثير عند تفسيره الآية (67) من سورة الزخرف:
    __________
    (1) آية 42 سورة الزمر.
    (2) الروح لابن القيم، ص27-28.
    ________________________________________
    { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } (1) حديثا أخرجه عبد الرزاق عن علي - رضي الله عنه - { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } قال: خليلان مؤمنان وخليلان كافران فتوفى أحد المؤمنين وبشر بالجنة فذكر خليله فقال: اللهم إن فلانا خليلي كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أني ملاقيك، اللهم فلا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني فيقال أذهب فلو تعلم ما له عندي لضحكت كثيرا وبكيت قليلا.
    وإذا مات أحد الكافرين وبشر بالنار ذكر خليله فيقول: اللهم إنّ خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ويخبرني أني غير ملاقيك اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت عليّ..» الحديث.
    ففي هذه الأحاديث الثلاثة وهي عن عوام المؤمنين تظهر نقطتان:
    الأولى: أن الأموات يهتمون بأمور ذويهم وأقربائهم في دار الدنيا ويتبعون أخبارهم.
    الثانية: أنهم يدعون الله لهم بالهداية وقضاء الحوائج وغير ذلك.
    بل روى الإمام الطحاوي في (مشكل الآثار) عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أمر بعبد من عباد الله أن يضرب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل ويدعو حتى صارت جلدة واحدة فجلد واحدة…» الحديث وإسناده حسن واستدل الطحاوي على إيمان الرجل بإجابة الله دعاءه(2). وفيها استجابة الله لدعاء الأموات في حق أنفسهم ولغيرهم.
    __________
    (1) الزخرف:67)
    (2) قال تعالى: { وإذا سألم عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } آية 186 من سورة البقرة، فليست إجابة الدعاء مقصورة على من هم في دار الدنيا خارج البرزخ، بل هي في حق الشهداء والصالحين أقوى وأوجب والأحاديث السابقة تشهد لذلك.
    ________________________________________
    ويسمع قرع نعال المشيعين إذا انصرفوا كما في حديث البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا » (1).
    وفي هذا الحديث دلالة واضحة على سماع أهل القبور لما يجري على وجه الأرض وهو مؤيد لحديث القليب الذي قال فيه « … والله ما أنتم بأسمع لما أقول منهم »(2).
    ويسر بزيارة قبره والجلوس عنده ويرد سلام المسلم عليه كما رواه البيهقي قال: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: « إذا مر الرجل بقبر أخيه يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام وعرفه وإذا مر بقبر لا يعرفه فسلم عليه رد عليه السلام » (3).
    وهذا يؤيد ما سبق ويؤيد الحياة البررخية وردهم وكلامهم إلا أننا لا نسمعهم وفي هذا من تمام الحياة الكاملة اللائقة بهم.
    أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رجل من آل عاصم الجحدري قال: رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين فقلت أليس قدْ متَّ؟ قال: بلى. قلت: فأين أنت؟ قال أنا والله في روضة من رياض الجنة أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فنتلقى أخباركم. قال: قلت: فهل تعلمون بزيارتنا إياكم؟ قال: نعم نام بها عشية الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس. قال: قلت: فكيف ذلك دون الأيام كلها؟ قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته » (4).
    وفي هذا دلالة على التزاور ما بين الموتى وتلقيهم أخبار أهل الدنيا كما سبق ذكر ذلك في حديث ابن المبارك في الزهد وسؤالهم عن أهليهم وأهل الدنيا.
    ذكر ابن القيم في كتابه الروح: والسلف مجمعون على هذا وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به.
    __________
    (1) البخاري كاب الجنائز باب الميت يسمع خفق النعال ح 1338.
    (2) مر تخريجه.
    (3) شعب الإيمان للبيهقي (7/17).
    (4) شعب الإيمان للبيهقي (7/18).
    ________________________________________
    قال ابن القيم في كتاب الروح: فصل: ويدل على هذا أيضًا ما جرى عليه عمل الناس قديما وإلى الآن من تلقين الميت في قبره ولولا أنه يسمع ذلك وينتفع به لم يكن فيه فائدة وكان عبثا وقد سئل عنه الإمام أحمد رحمه الله فاستحسنه واحتج عليه بالعمل.
    ويروي فيه: حديث ضعيف ذكره الطبراني في معجمه من حديث أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مات أحدكم فسويتم عليه التراب فليقم أحدكم على رأس قبره» ثم يقول: «يا فلان ابن فلانة فإنه يسمع ولا يجيب ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة الثانية، فإنه يستوى قاعدا، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة يقول: أرشدنا يرحمك الله، ولكنكم لا تسمعون، فيقول: أذكر ما خرجت عليه من الدنيا من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، وبالقرآن إماما. فإن منكرا ونكيرا يتأخر كل واحد منها ويقول انطلق بنا، ما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته؟ ويكون الله ورسوله حجيجه دونهما».
    فقال رجل: يا رسول الله فإن لم يعرف أمه؟ قال: «ينسبه إلى أمه حواء»(1).
    فهذا الحديث وإن لم يثبت فاتصال العمل في سائر الأمصار والإعصار من غير إنكار كاف في العمل به وما أجري الله سبحانه العادة قط بأن أمة طبقت مشارق الأرض ومغاربها وهي أكمل الأمم عقولا وأوفرها معارف تطبق على مخاطبة من لا يسمع ولا يعقل وتستحسن ذلك لا ينكره منها منكر بل سنة الأول للآخر ويقتدي فيه الآخر بالأول فلولا أن المخاطب يسمع لكان ذلك بمنزلة الخطاب للتراب والخشب والحجر والمعدوم وهذا إن استحسنه واحد فالعلماء قاطبة على استقباحه واستهجانه(2).
    __________
    (1) المعجم الكبير للطبراني (8/249) ح (7979).
    (2) كتاب الروح لابن القيم ص17-18 ط دار التقوى.
    ________________________________________
    كما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «عرفت جعفرًا في رفقة من الملائكة يبشرون أهل بيشة بالمطر»(1).
    وفي هذا الحديث إشارة إلى حرية أرواح الشهداء والصالحين بل وتصرفاتهم البرزخية وهي أقوى من تصرفاتهم وأرواحهم محبوسة في أجسادهم فروح المؤمن حينما تنطلق من الجسد وخصوصا الصالحين تتحرر وتستجيب بأمر ربها لما يشاء الله لها من أعمال وهي من فضل كرمه وإكرامه لهم.
    يقول ابن القيم في كتاب الروح(2): «ومما ينبغي أن يعلم أن ما ذكرنا من شأن الروح يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف، والكبر والصغر، فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن هو دونها وأنت ترى أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب تفارق الأرواح في كيفياتها وقواها، وإبطائها وإسراعها والمعاونة لها.
    فللروح المطلقة من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف، والقوة، والنفاذ، والهمة، وسرعة الصعود إلى الله تعالى والتعلق بالله، ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه، فإذا كان هذا وهي محبوسة في بدنها، فكيف إذا تجردت، وفارقته، واجتمعت فيها قواها، وكانت في أصل شأنها روحا علية زكية كبيرة ذات همة عالية، فهذه لها بعد مفارقة البدن شأن آخر وفعل آخر.
    وقد تواترت الرؤيا من أصناف بني آدم على فعل الأرواح بعد موتها، ما لا تقدر على مثله حال اتصالها بالبدن من هزيمة الجيوش الكثيرة بالواحد والاثنين والعدد القليل ونحو ذلك وكم قد رُئى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر وعمر- رضي الله عنهما- في النوم قد هزمت أرواحهم عساكر الكفر والظلم فإذا بجيوشهم مغلوبة مكسورة مع كثرة عددهم وعُددهم وضعف المؤمنين وقلتهم.
    __________
    (1) رواه ابن عدي في الكامل وله طريق أخرى تقويه فرواه ابن عساكر من طريق ابن إسحاق وله شاهد صحيح يشهد لصحة معناه رواه الحاكم في مستدركه والطبراني في الكبير والأوسط.
    (2) كتاب الروح لابن القيم ص115-116 ط دار التقوى.
    ________________________________________
    ومن العجب أن أرواح المؤمنين المتحابين المتعارفين تتلاقى وبينها أعظم مسافة وأبعدها فتتكلم وتتعارف فيعرف بعضها بعضا كأنه جليسه وعشيره فإذا رآه طابق ذلك ما كان عرفته روحه قبل رؤيته.
    قال عبد الله بن عمرو: أن أرواح المؤمنين تتلاقى على مسيرة يوم وما رأى أحدهما صاحبه قط ورفعه بعضهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - »(1) أ.هـ.
    خاتمة
    رأينا: من أفعال الأرواح في دار البرزخ ومتابعتها لما يحدث لذويهم في دار الدنيا.
    وتفاوت أفعالهم بين الدعاء لذويهم والاستغفار لهم مرورًا بالترائي لإخوانهم في الدنيا في حال نومهم عن قصد وترتيب وإرشادهم إلى بعض الأعمال (قصتي الصعب بن جثامة، ثابت بن قيس).
    وانتهاءً بمشاركة ملائكة الله الكرام بعض أفعالهم بإذن الله تعالى كمرافقة سيدنا جعفر لملائكة يسوقون المطر إلى بلدة باليمن، وعند الحاكم في المستدرك وكذا الطبراني التصريح بأنهم سيدنا جبريل وميكائيل وإسرافيل.
    وحسبنا كلمة ابن القيم السابقة فهي كافية شافية في هذا الموضوع.
    والله يقول الحق وهو بهدي السبيل.
    __________
    (1) كتاب الروح لابن القيم.
    ________________________________________
    صدر من هذه السلسلة:
    - مقدمة ومدخل عام للمفاهيم.
    - كلمة هادئة في الحياة البرزخية للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في التوسل للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في الاستغاثة للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في أحكام القبور للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في الزيارة وشد الرحال للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في التبرك للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في البدعة للدكتور عمر عبدالله كامل
    - الترك لا ينتج حكمًا للشريف عبدالله بن فرّاج العبدلي
    - كلمة هادئة في الاحتفال بالمولد للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في حديث لا تطروني للدكتور عمر عبدالله كامل
    - كلمة هادئة في حديث الجارية للدكتور عمر عبدالله كامل
    ________________________________________
    المحتويات :
    الموضوع ... الصفحة
    مقدمة «مفاهيم يجب أن تصحح»
    معنى الحياة البرزخية
    حياة الأنبياء والشهداء
    حياة سيد الأنبياء والرسل خير من خلق الله سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -
    عودة إلى حياة الشهداء ومن في حكمهم من الصالحين واهتمامهم بذويهم في دار الدنيا
    الحياة العامة لأهل البرزخ واهتمام بعضهم بذويهم في دار الدنيا...



    وللتحميل :
    أضغط هنا

    وماتنسوني من صالح الدعاء ...

    ودمتم في أمان الله وحفظه ....
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    الحياة البرزخية ( سلسلة مفايهم يجب ان تصحح)....
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -
    » .:: سلسلة حلقات برنامج مفاهيم يجب ان تصحح ::.

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتدي ابناء حي الكنوز بالدامر :: الكنوز الاسلامي :: .:: المنتدي الاسلامي ::. :: منتدي العقيدة-
    انتقل الى:  
    المواضيع الأكثر نشاطاً
    .:: سلسلة حلقات برنامج مفاهيم يجب ان تصحح ::.
    الشمائل المحمدية
    ماذا عن نشاط الربطة ؟؟؟
    سيرة مختصرة لحياة النبي صلي الله عليه وسلم من ولادته
    مقالات الامام الكوثري رحمه الله
    " مفرج الكروب ومفرح القلوب "
    الشيخ عبد الغني النابلسي دراسة في حياته وأعماله وأحواله
    حمل كتاب حل الرموز ومفاتيح الكنوز
    سيد الأعمام العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه ساقي الحرمين
    النهي عن النوم علي البطن
    المواضيع الأكثر شعبية
    حمل كتاب حل الرموز ومفاتيح الكنوز
    حمل كتاب شرح وتحليل الحكم العطائية _ لدكتور البوطي
    حمل برنامج مع البوطي حياته وفكره .
    دامر المجذوب عاصمة الولاية
    كيفية الغسل من شرح الثمرالداني
    حمل كتاب الأسماء والصفات للامام البيهقي
    المثنوي - لجلال الدين الرومي رحمه الله
    " مفرج الكروب ومفرح القلوب "
    الشيخ عبد الغني النابلسي دراسة في حياته وأعماله وأحواله
    ماذا عن نشاط الربطة ؟؟؟
    copyright 2010
    map
    alexa